بحثت آليات مناهضة العنف ضد المرأة.. ندوة نوعية نظمها القطاع النسائي بطنجة

Cover Image for بحثت آليات مناهضة العنف ضد المرأة.. ندوة نوعية نظمها القطاع النسائي بطنجة
نشر بتاريخ

في سياق الاحتفال بالأيام العالمية لمناهضة العنف ضد النساء وتخليدا لليوم العالمي لحقوق الإنسان، نظّم القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان بمدينة طنجة يوم الجمعة 23 دجنبر الجاري، مائدة مستديرة حول موضوع “مناهضة العنف ضد المرأة مسؤولية الجميع”.

وقد ساهم في تأطير النقاش مجموعة من الفعاليات  السياسية والمدنية بالمدينة، أجمعت على أن ظاهرة العنف ضد المرأة تعرف تناميا ملحوظا يقتضي تضافر جهود كل الغيورين والمهتمين بقضية المرأة من أجل مواجهته والحد منه لاستعادة الدور الريادي للمرأة.

افتتحت المائدة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم تم إلقاء كلمة ترحيبية باسم القطاع النسائي للجماعة، إذ رحّبت فيها الأستاذة جميلة اشتاتوا بالمشاركات في المائدة المستديرة وبالحضور الكرام، وشكرهن على تلبية الدعوة والتذكير بالسياق الذي جاء فيه هذا النشاط وكذا الأهداف المرجوة منه، وعلى رأسها مد جسور  التواصل مع كل المهتمين بقضايا المرأة وكل القضايا الإنسانية المشتركة، وشددت المتحدثة على أن القطاع النسائي ينتمي لجماعة العدل والإحسان التي تؤمن بمركزية قضية المرأة في مشروعها التغييري، مشددة على ضرورة التنسيق  مع مختلف الفضلاء والمدافعين عن القضايا الإنسانية العادلة وعلى رأسها قضية المرأة.

بعد ذلك تناولت الكلمة الأستاذة وفاء العريف وهي فاعلة جمعوية ورئيسة جمعية أسرتي،  وتطرقت في مداخلتها  لأنواع العنف وأسبابه وجدوره، وعدّدت مجموعة من الأسباب والعوامل المؤدية للعنف، أولها الفهم الخاطئ للنصوص الدينية، حيث أكدت على ضرورة تنظيف الحقل الديني من النصوص الدخيلة التي تطبع مع تشييئ  المرأة وتكريس دونيتها.

 

وأشارت في نقطة ثانية إلى الإعلام وخطورة دوره، حيث يزيد من تعميق ظاهرة العنف وانتشارها باعتباره النافذة اليومية التي يطل عليها كل أفراد المجتمع. أما الثالثة فهي اجتماع البؤس الاقتصادي بالجهل. لتعرج بعد ذلك على أنواع العنف الجسدي واللفظي والنفسي والرمزي.

وفي جانب، تطرقت الأستاذة رشيدة بلباه رئيسة جمعية أمنا لحماية النساء ضحايا العنف ومحامية بهيئة المحامين بطنجة، إلى نوع آخر من العنف فرضه التطور التكنولوجي ألا وهو العنف الرقمي وما يفرزه من مآسي اجتماعية، وما تتعرض له المرأة من مختلف أشكال الابتزاز والممارسات المهينة والحاطة بالكرامة الإنسانية، على خلفية ما يعرفه العالم من تطورات رقمية وتكنولوجية. واعتبرته عنفا عابرا للقارات ومن أخطر أنواع العنف حيث يمارس عبره جميع الأنواع الأخرى من العنف (الاقتصادي، الجسدي، الجنسي…). وأضافت أنه لا يوجد أي قانون يحمي المُعنَّفات بشكل مباشر نظرا لصعوبة إثبات الضرر، وعزّزت مداخلتها بنماذج معاشة في وقتنا الحالي.

واعتبرت أن العنف بكافة أنواعه وتجلياته عنفا كونيا لا يقتصر على مجتمع بعينه، وحمّلت مسؤولية انتشاره للأسرة التي تخلّت عن دورها في التربية خاصة الأم التي اعتبرتها الأساس الأكبر في بروز الظاهرة،  إضافة إلى تراجع دور المدرسة التي كانت فيما مضى مجالا للتربية والتعليم.

أما الأستاذة أسماء خرخور وهي فاعلة مدنية، فقد تحدثت عن الإطار المؤسساتي والقانوني للحد من ظاهرة العنف، وسلطت الضوء على الأدوار التي تقوم بها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وكذا الخلايا والمراكز التي تم إحداثها داخل المؤسسات التعليمية والقضائية والأمنية، هدفها الإنصات والتكفل بالنساء ضحايا العنف، وتمكينهن ودمجهن عن طريق الدعم النفسي والاجتماعي، وتشتغل عبر مجموعة من المؤسسات، كمؤسسات التنمية الاجتماعية والتعاون الوطني التي بها فضاءات للنساء من أجل الإيواء والتتبع والمواكبة. وخلصت إلى أنه رغم هذه الجهود فإن الإحصائيات المتعلقة بالظاهرة مقلقة، كما تطرقت إلى الإطار القانوني 103/13 الذي يعرف قصورا وثغرات كثيرة، مثل إغفال أنواع أخرى في تعريف العنف منها العنف الرقمي، وإغفال الاغتصاب الزوجي، وطغيان المقاربة الزجرية، وعدم البحث عن وسائل بديلة عن العقاب، وإغفال دور المؤسسات الدينية في التأطير والتوجيه خصوصا المجالس العلمية، وصعوبة إثبات الضرر المقيد للحق في التبليغ، وذكرت بعض الأسباب التي تزيد من استفحال الظاهرة وهي: الخجل، والخوف من الفضيحة، وتبرير العنف. وذكرت أنه يجب مواكبة الحالات المُعنّفة بالوجود الميداني.

أما الأستاذة رجاء لمنبهي وهي ممثلة عن القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان وفاعلة مدنية، فعنونت مداخلتها بـ”العنف ضد النساء إكراهات الواقع وآليات التجاوز”. حيث تطرقت لمفهوم العنف، الذي يتجاوز التعريف القانوني المنصوص عليه في قانون 103_13، وعدّدت أسبابه وعلى رأسها سوء الطبع، وقصور في أساليب التنشئة الاجتماعية، وهيمنة القيم الليبرالية، إضافة إلى اختلالات تنموية تكرّس مزيدا من الفقر والتهميش. واعتبرت العنف ظاهرة عابرة للقارات وأيضا عابرة لكل الفئات والمستويات الاجتماعية، وألمحت إلى تطور الظاهرة من حيث الأساليب والتجليات.

وفي المحور الثاني تحدثت المنبهي عن موقف جماعة العدل والإحسان الواضح من العنف، كونها تنبذه وترفضه رفضا تاما إذ رفعت الجماعة منذ تأسيسها شعار اللاءات الثلاث وعلى رأسها لا للعنف رغم ما تعرضت له من مضايقات. وفي المحور الثالث تطرقت إلى مداخل التغيير، وأهمها: إذكاء الوعي لدى النساء، واعتبار التربية مدخلا أساسيا عبر جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية: الأسرة والمدرسة والإعلام. وشددت على أهمية التغيير الشامل لأن معالجة الظاهرة تقتضي ربطها بما هو تاريخي وسياسي وفقهي واقتصادي، لأن الفصل بينها وبين باقي القضايا فصل اعتباطي لما يجب أن لا ينفصل. ونوّهت في المقابل إلى ضرورة توفير بيئة حاضنة ملائمة من خلال النهوض بالتنمية، وتوفير بناء ديمقراطي حقيقي يمكّن النساء من التأثير على صناعة القرار ويضمن الكرامة للمرأة كما للرجل.

وبعد انتهاء المداخلات تم فتح باب النقاش، والذي تميز بتفاعل قوي؛ حيث أجمعت الحاضرات على خطورة العنف الذي أصبح ظاهرة مقلقة بات معها التعاون وتنسيق الجهود الميدانية مع مختلف الفاعلين والمهتمين أمرًا ملحا، كما تم اقتراح مجموعة من الآليات التي من شأنها المساهمة في الحد من ظاهرة العنف.

وباسم القطاع النسائي، تم توزيع شواهد المشاركة على المتدخلات تقديرا على استجابة الدعوة والمشاركة في إثراء نقاش له راهنيته. وختم اللقاء بحفلة شاي على شرف الحضور الكرام.