قال الباحث في المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات الأستاذ سليمان ازوير إن حدث الحسيمة، والذي استشهد على إثره الشاب “محسن فكري” بعدما فرمته آلة طحن الأزبال، أمام أعين رجال الأمن، لا يمكن عزله عن باقي الأحداث المشابهة التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، والتي تكاد تكون مسترسلة، وطبق الأصل في أسبابها ودواعيها وظروفها)، مشددا على أن ما حدث من حرق بائعة البغرير “مي فتيحة” لنفسها، وفرم بائع السمك “محسن فكري”، ليس إلا حلقات صغيرة من مسلسل درامي طويل يعيشه المغاربة وسيل متدفق من الفواجع).
وتعقيبا منه، في تصريح لموقع الجماعة نت، على ما تُدووِل من فتح تحقيق رسمي لتقصي حقيقة الحدث الذي هز الرأي العام المغربي، قال ازوير إنه بعد واقعة الحسيمة، وكما يحصل دائما بعد كل حدث مفجع، صدرت الأوامر بفتح التحقيقات ومعاقبة المسؤولين المباشرين، ولكن سيطوى الملف سريعا لوأد أي امتداد لتداعياته في المهد. ثم يستمر الوضع على ما كان عليه في انتظار فاجعة أخرى).
وعن أسباب حدث الحسيمة الأليم وأشباهه قال إن القمع في المغرب لا يزال ممنهجا، وله مؤسساته الحاضنة، وكل محاولة لمعالجته على مستوى الأفراد ستبوء بالفشل الذريع، لأنها لن ترفع الظلم و”الحكرة” عن الضعفاء من أبناء هذا الشعب، ما دام الاستعباد الاجتماعي سياسة ممنهجة).
وأكد المتخصص في القضايا الاجتماعية أن حرق “مي فتيحة” لنفسها فاجعة بكل المقاييس، وفرم “محسن فكري” في آلة طحن الأزبال إهانة للكرامة الإنسانية)، منبها إلى أن الظروف التي أفرزت هذه الوقائع أفجع، ووطأتها أشد، وما لم يتم اجتثاث الفساد الرسمي الحاضن للقمع المؤسساتي، فستستمر معاناتنا كشعب مع تلاميذ مدرسة “إدريس البصري” وقبله “الجنرال أوفقير”. وما لم يتكتل الشعب المغربي بكل توجهاته الإيديولوجية، وانتماءاته السياسية ضد سياسة “اطحن مّو” فلن يتم نزع ربقة الاستضعاف عن عنقه، وستستمر معاناته وستزيد آهاته). دعوة توجه بها الباحث في آخر تصريحه إلى الشعب المغربي مهيبا بقواه الحية إلى أن يهبوا من أجل الخروج من هذا الوضع: أنت وحدك أيها الشعب المغربي، القادر على تحرير نفسك من براثن مسؤولين، رضعوا لبن الظلم والاستبداد طويلا، وتأكد أن فطامهم لن يكون سهلا ميسرا، فقد ألفوا قهرنا وألفنا ذلنا، ولن يخرجنا من هذا الوضع إلا هبّة جماعية صادقة متحررة، تكون صيحة مدوية في أذن كل من سولت له نفسه احتقارنا).