روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:” قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إليك؟ قال: الحنيفية السمحة”.
جاء في معجم المعاني السَّمْحَةَ: مؤَنَّتُ السمْحِ والجمع: سِمَاحٌ، يقال شريعةٌ سَمْحَةٌ: فيها يُسْرٌ وسهولةٌ ودينٌ سَمْحٌ: فِيهِ يُسْرٌ وَتَسَاهُلٌ.
الحنيفية السمحة: سمحة بعقيدتها، سمحة بأحكامها، سمحة بتعاليمها… سماحة دعا اليها الله ورسوله وحبب فيها وجعلها كنه ديننا وعنوانه قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. روى أبو يعلى في مسنده عن جابر بن عبد الله -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-“أنّ النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-سُئِل: أيُّ الإيمان أفضل؟ قال: الصَّبر والسَّماحة”.
نظم الإسلام العلاقات الإنسانية في كل مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية … وجعل مبناها عل التسامح والدفع بالتي هي أحسن، وأكد على أهمية التيسير والاعتدال والحوار والعفو، واحترام الحقوق، وأمر بالتربية على هذه المبادئ والأخلاق وجعل التحلي بها عبادة لله تعالى وقربا منه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله “وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من كان هيناً ليناً قريباً حرمه الله على النار “ أي متسامحا في كل أحواله وتعاملاته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب سَمْحَ البيع سمح الشراء سمح القضاء” .
كان صلى الله عليه وسلم سيد من تحلى بهذا الخلق، يروي عنه سيدنا أنس رضي الله تسامحه ورفقه بالأعرابي الذي بال بالمسجد وكيف نهره الصحابة، وكيف منعهم رسول الله من زجره وأمرهم ألاّ يعنفوا عليه، وقال له بعد ذلك بكل لين: “إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن” وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: “إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين، صبوا عليه دلوا من الماء”.
وصورة أخرى يرويها لنا البخاري فيقول: “إن كانت الأَمَة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت فيمضي معها حتى يقضي حاجتها”. و عن أنس -رضي الله عنه – قال: “كنت أمشي مع النبي – صلى الله عليه وسلم – وعليه بُرْدٌ نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة – أي: شده وجذبه – ثم قال: مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفتَ إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء”.
ومن سماحته صلى الله عليه وسلم أنه “ما انتقم لنفسه من شيء قط، إلا أن تنتهك حرمةُ الله فينتقمُ لله “.
هذه السماحة التي دعى إليها الاسلام وحبب فيها لم يجعلها مقتصرة على علاقة المومنين فيما بينهم بل تتعداهم لتؤطر علاقاتهم بغيرهم من غير المسلمين. فاول ما علم الله عز وجل، علم المؤمنين الإيمان بجميع ما أنزل من الأنبياء والرسل وبكتبهم، وأمر بعدم إكراه الناس على ديننا لا إكراه في الدين، ولكن أمر بدعوتهم برفق وعلى أسس الرحمة ومحاورتهم بالتي هي أحسن قال سبحانه: “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.
(…)
تتمة المقال على موقع مومنات نت.