الأحياء أولى بالرثاء

Cover Image for الأحياء أولى بالرثاء
نشر بتاريخ

يا باكيا من ثوى تحت الثرى حزنـا

هلا بكيت أخي من الأحياء من فُتِنا
أفـضى الفقيـد إلى قبـر يؤانسـه

عِلمٌ وجـارية والابـن مُؤتَــمنا
وميِّت القـلب مقبـور بلا جَــدَث

مَن ذا يواسي الذي في جسمه دُفِنا
تبكي صريعـا وما للدمــع منفعة

أحقُّ منه بدمـع العين مَن غُبــِنا
في صـحّة وفـراغ عيشــه زَبد

أَوَّاهُ هذي المــلاهي تستخِفّ بنـا
هـلا بكيت أخي أهــواء ممتحن

رَمَته في سَــيل الإحباط مُمتـهَنا
لا ذكر يُؤويه أو يحمـيه من ضَنَك

همٌّ وغمٌّ أحــالا القلب محــتَقَنا
إن كنت تبكي أخي حُزنا على طلَل

فالدَّمع ليس يفيد الرَّمْسَ والدِّمــَنا
لولا أفَــدت به حيّا سهـا ولهـا

لولا أفَــدت به غِرّاً ومُفتَـــتَنا
فالمــوت موعظة للقلب توقـظه

من ضيعة العمر لمّا استعذب الوَسَنا
يطــيل آمــاله والقبـر يرقبـه

والأرض مرجعه والكيْس من فطِنا
إنّي أحـقُّ بدمع القـلب منك أخي

قبل اقتيـادي لقبري فالرحــيل دَنَا
هلا بكيــت عَمى قلبي وقَسـوته

أحقّ موتاك بالدمــع الهَتـون أنا
يبكـيك منّي هوى نفـسي وخِسَّتها

تبكيك عــيني إذا ما دُنِّست بزنـا
تبكـيك أذني وقد أسمعتها هَوَسـا

يبكيك منّي لســاني ناطقا بخَــنا
يبكيك بُخلي وجُبني منهما سخـرت

مظــالم الخلق إن عالجتُها بمُنى
يبكيك يا صاح إسرافي ولـو علِمت

نفسي بما وُعـدت ما أُغرمت بِدُنا
يبكيك عــقلي فلا علم ولا رشـد

هل عاقل يستطيب الخبث والعـفنا
قبل البكــاء على جسم علا خشبا

ممــددا هادئا قد أُلبـس الكــَفَنا
والنـاس من حوله قد أُلجموا حزنا

والذكر يُتـلى وكل مطــرق شجنا
والقبر منتظــر ضيفا يحــلُّ به

مستمطــرا رحمات الله والمـننا
وقبل أن يُخــرجوا نعشي وموكبه

وتطلبــوا مسجدا فارقته زمــنا
وقبل تكبيــركم عند الصلاة علـ

يَّ والدُّعــاء بما عُلِّمتُموا سُنَنــا
وقبل حمـلي على الأكتاف واأسفي

أنا الثقــيل وقد أرهقــتكم سِمَنا
وقبل وضعي ببطن الأرض مغتربا

فرداً وليس سـوى ثقب الثَّرى سكنا
وقـبل أن تطلــبوا لي من يُثَبِّتني

عند السـؤال، تَلطَّف يـا رحيم بنا
وقبل تعزية الأحبــاب واحـزني

أمسيت في حفـرة أو روضة بدنا؟
الروح آهٍ على روحــي وأَوبَتِـها

هل للنَّعيم مضَـت أم ثُوِّبَت مِحَـنا
لا تبك يا صــاحبي ميتا وتتركَني

أنا بدمعــك أولى والفقيــر أنا
خذني إلى صحبــة مِنهاجُها سَنَن

لمــن أراد بناء محكـما حسـنا
خذني إلى عصــبة أسعى بها لغَد

قوامُه العــدل بالإحسـان مقترنا
صلوا على المصطفى الهادي أحبّتنا

صلوا على الصادق المصدوق أسوتنا
ما اشتاق للقُبَّة الخضـراء منحصر

الرّوح في طيبــة والجسم منه هنا
ما حنَّ حجَّـاج بيت الله واعتمروا

ما زمزموا وسـعوا واستُنفِروا لِمِنى
ما سحَّ في عــرفات الله أدمـعه

باك على ذنــبه يستمطر المنــنا
إنَّ الصـلاة على المختـار سلوتنا

نــور أخي سكن وهْي الشفـاء لناشعر. الأستاذ مـنــير ركراكي

الاثنين 18 ذي القعدة 1429هـ

الموافق لـ17 نونبر 2008م