كشف استطلاع رأي شارك فيه شباب وشابات من 53 مدينة من 18 دولة عربية، أن قرابة نصف شباب دول شمال إفريقيا “يريدون مغادرة بلدانهم للبحث عن فرص أفضل ولا سيما فرص العمل”.
خيبة أمل الشباب
تطلعات الشباب العربي نحو الهجرة، كما كشف الاستطلاع الشامل الذي أجرته مؤسسة “أصداء بي سي دبليو” ونشرت مضامينه قبل أيام، تأتي نتيجة مشهد اقتصادي قاتم بالعديد من الدول العربية، إذ عبر نحو 62 % من شباب شمال أفريقيا عن كون اقتصاد بلدانهم “يسير في الاتجاه الخاطئ”.
ورغم أن العوامل الاقتصادية كانت السبب الرئيس لرغبة الشباب في الهجرة، فقد كشف الاستطلاع عن دوافع أخرى ذات طابع أمني وسياسي.
رئيس الشركة صاحبة الاستطلاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال في بيان تعليقي على الاستطلاع؛ إن رغبة الشباب العربي المتنامية في الهجرة بحثا عن حياة أفضل “تشير إلى سمتين مهمتين: الأولى، خيبة أملهم إزاء الحصول على تعليم جيد وحياة مهنية ناجحة في بلدانهم، والثانية توقهم لبناء مستقبلهم”.
دول الاستبداد.. بيئة مسمومة للشباب
الدكتور بوبكر الونخاري في تصريح خاص لـ”بوابة العدل والإحسان” بشأن هذا الاستطلاع في شقه المرتبط بالهجرة، ذهب إلى أن نتيجته “منطقية جدا ومتوقعة”، معتبرا أنها دالة دلالة لا لبس فيها، على “أن الكثير من الدول في منطقتنا طاردةٌ للشباب، لأنها لا تمنح أي أفق، ولا تؤسس لعلاقة سويّة بهم، على قاعدة الكرامة والحرية والعدالة”.
وشدد الونخاري على أن دول الاستبداد والفساد “تشكل بيئة مسمومة للشباب، تقتل إراداتهم وأحلامهم وطموحاتهم، لأنها تهضم حقوقهم، فلا يبقى لهم إلا الهرب منها حتى يحققوا ذواتهم”.
وتابع الكاتب العام لشبيبة العدل والإحسان، موضحا أننا نرى في المغرب ذلك رأْيَ العين وبوضوح، في ظل انسداد الآفاق، وفي ظل القمع والتسلط، وأمام استشراء الفساد، الذي يجعل القسمة غير عادلة بين أبناء الوطن الواحد، والتنافس غير الشريف، والحظوظ غير المتساوية.
ومع ذلك، يضيف الونخاري “يجب أن نؤمن أنه يمكن انتزاع أوطاننا من الفاسدين والمستبدين، وأن الهرب، وإن شكّل فرصة لخلاصٍ فردي، فإنه لا يحقق هدف خلاصنا الجماعي، بتخليص بلدنا من سجاني الأحلام والآمال”.
وبينما يرى الونخاري أن الأمل معقودٌ في شبيبة مؤمنة بالتغيير، قادرة على استنهاض الهمم للإيمان بأن الانعتاق ممكن، وليس مستحيلا. يرى في المقابل أن المستبدين يريدون ويتمنون لو أُخلي لهم الجو ليستفردوا بالشعب المغلوب على أمره. أما الوقوف في وجههم فيزعجهم، “لذلك يقمعون ويسجنون، ويفعلون كل شيء حتى تبقى الأوطان طاردةً لأبنائها اليائسين”.