لفت أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس الدكتور زين العابدين عبد العالي، إلى أن الإصلاح الجامعي الجديد الذي يقوده وزير التعليم العالي الحالي يصعب تمييزه عن الإصلاحات السابقة، مشددا على أن “المتعمق في البحث يرى أن الشعارات المرافقة لهذا الإصلاح كانت أيضا مرافقة للإصلاحات السابقة”.
الأستاذ العابدين، يرى أن الإصلاحات في حقل التعليم عموما في المغرب الآن، لم تعد ذلك الشأن الاستراتيجي للدولة بقدر ما ترتبط بأسماء الوزراء المتعاقبين على القطاع، وهو ما حمله على إطلاق وسم “إصلاح الميراوي” على هذا الإصلاح الجديد في هذه النسخة.
ورجع المتحدث، في قراءة بانورامية للإصلاح الجامعي الجديد، إلى بدايته انطلاقا من مناظرة مراكش، أكتوبر 2018، الذي كان من مقتضياته تعديل نظام الإجازة ليعود إلى الأربع سنوات، يصنف فيها الطلبة الجدد بعد اجتياز امتحان أولي لمعرفة معارفهم إلى مجموعتين، الأولى تضم أصحاب المعارف المتواضعة، والثانية تضم من لا بأس بهم من الجانب المعرفي. وبالرغم من أن الثلاث سنوات هي الحقيقية في هذا النظام كذلك، إلا أنه أقر الاعتماد على السنة الأولى على أنها تأسيسية لأصحاب المجموعة الأولى من أجل تأهيلهم للاندماج في سلك الدراسات الجامعية، بينما أقر سنة التعمق لأصحاب المجموعة الثانية حتى يتسنى للجميع استنفاذ الأربع سنوات.
ولفت المتحدث إلى أن هذا الإصلاح سرعان ما تلاشى الحديث عنه، وبعد سكتة طويلة من قبل القطاع الوصي، برز إلى الواجهة الحديث عن مشروع جديد هو “الباشلور” في أربع سنوات، وارتكز على “إقحام اللغات والمهارات الناعمة في التكوين”. لافتا إلى أن أساتذة الجامعات باعتبارهم المعنيين الأساسيين بهذا الموضوع، لم يشرَكوا في هذا المشروع فكانت هناك احتجاجات… ورغم ذلك أصروا على تنزيله وبدأ التنزيل بالفعل.
وتابع: “ولما تغيرت الحكومة وجاء الوزير الجديد أقبر هذا المشروع، ولا أدري ما مصير أولائك الطلبة الذين تسجلوا فيه، ربما وجدوا لهم حلولا ترقيعية ما”.
واسترسل المتحدث، معتبرا أن مشروع “الباشلور” بعد إقباره، تلته أيضا سكتة ما لبثت أن أسفرت عن “إصلاح الميراوي” الذي استُهِلَّ بوضع الدفتر الوطني للضوابط البيداغوجية، وقد لاحظ السادة الأساتذة الكثير من الملاحظات بخصوصه، ولم تؤخذ تلك المؤاخذات بعين الاعتبار.
وبعد عرضه على الوكالة الوطنية للتقييم وضمان الجودة، يقول زين العابدين: “لم تَأخذ هي الأخرى آراء الفاعلين في الواقع الجامعي خاصة المنتخبين والممثلين للهيئات من قبيل الشُّعب ومجالس المؤسسات ومجالس الجامعات، ومكاتب محلية ومكاتب جهوية للنقابة الوطنية للتعليم العالي فضلا عن الخبراء والمهتمين الذين عبروا عن ملاحظاتهم تلك بهذا الخصوص”.
ووفق قراءة المتحدث، فإن ما عدلته الوكالة الوطنية للتقييم وضمان الجودة “هي إضافة نقطة وحيدة”، وهي “إضافة منسق جذع المشترك” في السنتين الأوليين يعين من طرف العميد، وقبل هذا الإصلاح كان هناك منسق للإجازة بكاملها وليس السنة الأولى أو الثانية فقط، وكان يعين من طرف العميد باقتراح من الأساتذة الذين يتدخلون في الوحدات.
هذا التدخل وإن كان وحيدا، يضيف عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي “فهو يبين التوجه العام لمؤسسات الدولة في هذا الإطار بما فيها مؤسسة ضمان الجودة”، وهو حسم الاختيارات من قبل بعض المسؤولين بدون العودة أو حتى استشارة من يتدخلون في الوحدات ومن يعنيهم الأمر في هذا الباب.
هذا الإصلاح وإن صعب رؤية ما يختلف فيه عن سابقيه، “يمكن الحديث عن مرتكزاته، أو ما أُريدَ له البروز بشكل أكبر الآن، وهي ثلاثة؛ تعزيز اللغات في الجامعة، وتعزيز مهارة القوى، ثم استبدال وحدتين ممهننتين ببحث التخرج سابقا، وهما الوحدتان اللتان اشترط لهما دفتر الضوابط البيداغوجية أن يكونا بشراكة مع الفاعل السوسيو-اقتصادي”.
وهذه الركائز في منظور أصحاب الإصلاح -يقول المتحدث- هي من أجل الإجابة عن سؤال المردود الداخلي والخارجي من خلال الإدماج والانفتاح على المحيط الخارجي للجامعة.
وفي حديثه عن المسؤول عن فشل الإصلاحات السابقة وعن التشخيص السلبي لواقع الجامعة اليوم، قال المتحدث في برنامج “ضيف الشاهد” إن المقاربة العلمية تقول بأن “المسؤولية دائما ما تكون جماعية، لكن المسؤول الرئيسي في هذا الوضع هم المسؤولون عن السياسات العمومية في هذا البلد والقطاع الوصي، لأنهم هم من يملكون إمكانيات الإصلاح والرصد ودراسة الواقع”.
فلا يخفى على الجميع سلسلة الإصلاحات المتوالية على الجامعة المغربية، التي غالبا ما نجد فيها نقصا في التنظير والبعد الاستراتيجي بالقدر الذي تغيب فيه المقاربة التشاركية، كما يسجل عليها النقص في الإمكانيات المرصودة، فضلا عن أن هذه الإصلاحات لا تؤخذ بالجدية اللازمة، وفق حديث الأستاذ الجامعي وعضو المكتب الوطني لقطاع التعليم العالي لجماعة العدل والإحسان الأستاذ زين العابدين عبد العالي.