قصيدة حول الفن وحقيقة جماله على منوال رائعة الراحل شاعر الإنسانية المؤمنة، الشاعر السوري الكبير: عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله.
مع الله شِعْراً مع الله نثراً *** مع الله بين الفنون الأخرْ
مع الله رسماً بحَدِّ الحروف *** مع الله بالحرف خلفَ الصوَر
مع الله نحتا على الصخر ذِكرا *** وذكرى لمَنْ لمْ يُناج الحَجَر
مع الله في قصةٍ ترْتوي *** مِن النور ما لمْ يُصِبْهُ البَصَر
مع الله تأتي الرواية ماء *** سِقاً سَلسبيلاً ويَأتي المطر
مع الله في نغمَةٍ مَتنها *** يَشُدّ المَسامعَ قبلَ الوَتر
مع الله في الخَشَباتِ التي *** تشَخصُ للحَقِّ قبْلَ الظفر
مع الله في سابع الفن لما *** إذا أنفقَ الجُهْدَ خيراً نشَر
مع الله في كل شيء جميل *** هو اللهُ يَرْضَى الجميلَ الأبَر
إذا الفنّ رامَ البهاءَ كما *** تبادَرَ للذِهْن قبْل النظر
فلابد من عِبْرَةٍ ترتجَى *** وَكَمْ في عيون الرَّجَا مِنْ عِبر
ولكنّ بعضَ “الحُماة” ارتضَوْا *** لهُ أنْ يعيشَ العَمَى والعَوَر
فيَصْطلِحُونَ عَليهِ بمَعْنىً *** تبرَّأ مِنهُ لِسانُ البَشَر
فكُلّ الفنون فتاة تعَرَّتْ *** وعينُ الجَمال اكتساءُ الشَّجَر
وكل التحَرّر كفرٌ بَواحٌ *** وأقصى الشجاعة شَتمُ القدَر
إذا الحُسنُ أضحى كهذا فقلْ *** سلامٌ على الحسن بين الحُفر
ألمْ ينظروا للجَمال وقدْ *** توزَّعَ في الأرض بحْرا و بَر
ألم ينظروا لسَبيبِ النجوم *** كعِقدٍ تلوْلَبَ حوْل القمَر
ألم يسمعوا للطيور تغني *** تناغي تراقص غِيدَ الوَبَر
ألم ينظروا للسحائبِ لمّا *** تذللُ بالنحتِ بُعْدَ السَّفر وللبحر
يرسم فوق الرمال *** رسوما قضى الحُسن فيها الوطر
وللحَذو حذو ِ الجمَال التي *** دَعَتْ للبحور فمَنْ ذا فطر
ألم ينظروا للجبال شتاء *** وصيفا وحين الربيع الأغر
ألم ينظروا للسهول وفيها *** مَلاحِمُ حُسْن يَقصُّ الثمَر
وخذ ما تشاء مِن الفن لمّا *** تحاولُ وَصْفا حُقولَ الزَّهَر
مع الله كان الجَمال وما *** يزالُ نقِيّا أصيلَ الدُرَر
مع الله كنْ والتمسْ ما تشا *** مِن الحُسن واركبْ بَديع الفِكَرْ
ولا تقترفْ غيرَ حبٍّ بهِ *** تواصلُ بين الصِّبَا والكِبَر
فحبّك أمّا وحبك زوجا *** وحبك رَبّا جَلِيَّ الأثر
وحبك أن لا يضام العبادُ *** وأن لا يُطارَ لِنار شَرَر
مع الله إنْ أنتَ رُمتَ الجَمالَ *** وليسَ سوى اللهِ غيرُ الكدَر