هيئة حقوقية: حرية الصحافة تعاني خروقات عديدة.. والصحفيون المغاربة يواجهون وضعية تنذر بمزيد من التدهور

Cover Image for هيئة حقوقية: حرية الصحافة تعاني خروقات عديدة.. والصحفيون المغاربة يواجهون وضعية تنذر بمزيد من التدهور
نشر بتاريخ

اعتبرت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب، أن وضعية حرية الصحافة والصحفيين تعاني من “استمرار الانتهاك” وبوتيرة “مقلقة”، منبهة إلى “النقص الحاد” في الضمانات الدستورية والقانونية التي تكفل حماية حقهم في ممارسة عملهم الحيوي.

 

وفي بيان مطول أصدرته الهيئة بمناسبة اليوم العالمي لحرية لصحافة اليوم الجمعة 3 ماي، والذي بني على رصدها وتتبعها لحالة حرية الصحافة في المغرب على امتداد أكثر من عام، ذكّرت بأن هذا اليوم يعتبر فرصة سنوية لتذكير الأنظمة والحكومات بضرورة تنفيذ التزاماتها في مجال احترام حرية الصحافة. كما يعد مناسبة لتجديد التذكير بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وإجراء تقييم لمدى احترامها في كافة أنحاء المعمور، وجرد الاعتداءات والانتهاكات التي استهدفت استقلالية وسائل الإعلام والصحفيين.

وسجلت الهيئة أن الاحتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي هذه السنة في سياق جد خاص، إذ يواجه الصحفيون ووسائل الإعلام تحديات كبرى ليس أقلها: القتل والتنكيل بهم والتحريض عليهم في مناطق النزاع أو الأحداث العنيفة؛ الاغتيال المعنوي والتحرش بهم على شبكات التواصل الاجتماعي؛ الحجب والرقابة التي تمارسها السلطات؛ الرقابة الذاتية؛ توظيف القضاء ضدهم.  وذكّرت بتعرض الصحفيين الفلســــطــــينيين أو الذين يشتغلون في فلســــطيــــن للنصيب الأوفر من هذه الانتهاكات الصارخة منذ بداية حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصــــهيــــوني ضد الشعب الفلســــطينــــي في قطاع غــــزة منذ أكتوبر من سنة 2023، مذكرة باستشهاد 142 صحفيا وصحفية على الأقل في غــــزة منذ بداية العدوان، أي ما يعادل 5 صحفيين على الأقل أسبوعيا.

وفي هذا المناخ العالمي الموسوم بهجمة كبيرة على حرية واستقلالية الصحافة، أكدت الهيئة أن الصحفيين المغاربة يواجهون وضعية “تنذر بمزيد من التدهور، عناوينها البارزة: الهجوم على حرياتهم ومصادرة حقهم في التعبير الحر وكذا عرقلة عملهم وتقييد وصولهم إلى المعلومات، والهشاشة الاقتصادية”.

خروقات بالجملة تطال الصحفيين.. سجن وتشويه وتحكم

وبعد حيت الصحفيين والصحافيات المؤمنون والمؤمنات بنبل وقداسة رسالتهم واستقلاليتهم رغم البيئة الصعبة التي يشتغلون فيها، سجلت الهيئة الوطنية التي تظم عددا من الوجوه الحقوقية والمدنية البارزة، جملة الملاحظات التي تطبع المشهد الإعلامي في المغرب.

بدأتها باستمرار الاعتقال التعسفي والتحكمي للصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني – أكدت محكمة النقض الأحكام الصادرة في حقهما الصيف الماضي- و توفيق بوعشرين الذي سبق تأييد الحكم النهائي في حقه أيضا سنة 2021، مع الإمعان في التنكيل المعنوي بهم عبر تعريضهم لتدابير عقابية والمساس بعدد من حقوقهم الأساسية داخل السجن، بحسب شهادات وإفادات متواترة من عائلاتهم. وذكرت في الخصوص: الحرمان من الحق في الكتابة و المطالعة بحرية والوصول إلى الصحف. وفرض قيود على التواصل مع العالم الخارجي .ومنع الاختلاط وتشديد الحراسة بشكل تمييزي عن باقي السجناء. والحرمان من العلاج و الرعاية الطبية في ظروف ملائمة تحترم الكرامة الإنسانية.

ولاحظت الهيئة أيضا استهداف أقارب وعائلات الصحفيين المعتقلين عبر “التشهير بهم من طرف منصات إعلامية أو جهات مدنية ترعاها وتدعمها السلطات المغربية”، وأدانت في هذا الصدد استمرار الدولة المغربية في توفير الحماية لمنصات إعلامية مقربة من الأجهزة الأمنية تحترف ممارسة التشهير.

ثالث ملاحظة وقفت عندها هي تواصل المتابعات القضائية للصحفيين في إطار القانون الجنائي عوض قانون النشر والصحافة، وتهم هذه الوقائع بالأساس منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي؛ وضربت لذلك نموذج متابعة ومحاكمة الصحفية حنان بكور والصحفي عبد المجيد أمياي.

ولاحظت أيضا أن الدولة المغربية تمضي في “مخطط التحكم في وسائل الإعلام بشكل كامل وتقويض استقلالية المهنة”، وضربت لذلك بعدد من المظاهر؛ حيث -تقول- تسمح الهوامش الواسعة لتدخل الجهاز التنفيذي بالحد من حرية الصحفيين وتحييد المنسوب النقدي والرقابي المستقل لديهم، والرفع من منسوب الرقابة الذاتية داخل وسائل الإعلام الخاصة و تعزيز تبعيتها للسلطة. وكذا من خلال إحداث لجنة مؤقتة بصلاحيات واسعة لتسيير شؤون المجلس الوطني للصحافة، في تراجع واضح عن فكرة التنظيم الذاتي للمهنة بشكل مستقل التي أقرها دستور 2011.

وطالت القيود المباشرة وغير المباشرة التي تعترض طريق الصحفيين، بحسب بيان الهيئة، في محاولتهم الوصول إلى المعلومات بشكل مستقل، في ظل هيمنة الدعاية الرسمية. دون إغفال غياب التعددية، فعلاوة على الإعلام الرسمي الذي يرزح تحت هيمنة السلطة، تتركز وسائل الإعلام الخاصة -يقول البيان- في أيدي فئة محدودة تتوزع بين أصحاب الثروات وذوي النفوذ أو مقربين من الأجهزة الأمنية، في مقابل التراجع المهول للمنابر المستقلة التي تواجه ضغوطا سياسية واقتصادية.

مطالب بإطلاق سراح الصحفيين المسجونين وإنهاء التحكم

وبناء على كل تلك الملاحظات، طالبت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب، الجهات المعنية بالمبادرة إلى جملة من الإجراءات؛ أولها الإفراج الفوري ودون شرط عن الصحفيين الثلاثة: توفيق بوعشرين، عمر الراضي، سليمان الريسوني، والذين يقضون عقوبات سالبة للحرية منذ سنوات، بتهم واهية أثبتت أطوار القضايا فيها عدم مصداقيتها، وإثر محاكمات جائرة شابتها عيوب كبيرة وقف عليها أيضا فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي التابع لمجلس حقوق الإنسان الذي يترأسه المغرب الآن حيث تدارس ملف توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وأكد الطابع التعسفي لاعتقالهما وطالب السلطات المغربية بإطلاق سراحهما وتعويضهما تعويضا عادلا..

ثاني المطالب الذي تضمنه بيان الهيئة فهو وقف الإجراءات التقييدية وانتهاكات الحقوق الأساسية للصحفيين المسجونين، والتي تمارسها إدارات السجون في حقهم. أما ثالثها فدعوتها إلى تصحيح الاختلالات التي تشوب محاكمة الصحفيين عبد المجيد أمياي وحنان بكور “المتابعان بتهم جنائية، لممارسة حقهم في التعبير الحر، وذلك بناء على شكايات تقدم بها نافذون أو مسؤولون كبار”.

وعبرت الهيئة عن رفضها تأبيد سياسة الدعم المالي العمومي لوسائل الإعلام الخاصة “بشكل يؤدي إلى تدجينها ومصادرة استقلاليتها وخنق حريات الصحفيين”، مع تسجيل علامات استفهام كبيرة حول انعدام الشفافية في توزيع هذا الدعم. وأكدت على ضرورة واستعجالية المراجعة الشاملة لقوانين الصحافة والنشر والاتصال السمعي البصري وتنقية القانون الجنائي من كل ما يمس حرية التعبير.